الأحد، 25 مارس 2012

نوافذ قانونية حول قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات 6

أخي القاري أختي القارئة استكمالا لمشورنا في تحليل نصوص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات  سوف نبحر اليوم في نص جديد من نصوص هذا القانون لنقف على ما تضمنه من قواعد وأحكام
ألا وهو نص المادة  الثامنة . 

النص القانوني :
نص المشرع في هذه المادة على "" يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال عماني ولا تزيد على عشرة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من أدخل عمدا ودون وجه حق في نظام معلوماتي أو شبكة معلوماتية أو وسائـل تقنية المعلومات ما من شأنه إيقاف أي مـنها أو تعطيله عن العمل أو ألغى أو غير أو عدل أو شوه أو أتلف أو دمر البرامج أو البيانات أو المعلومات الإلكترونية المستخدمة أو المخزنة في أي منها مع علمه بأن ذلك من شأنه إيقافها أو تعطيلها عن العمل ، وذلك باستخدام وسائل تقنية المعلومات " .

التحليل :
ارتباط الغالبية العظمى من الدول بشبكة الإنترنت ، وازدياد اعتمادها على نظم المعلومات والاتصالات في آخر عقدين من القرن الماضي ازديادا مضطرداً حتى أصبحت تلك النظم عاملا أساسيا في إدارة جميع القطاعات المختلفة كالقطاع المصرفي والتجاري والأمني والسياحي وغيرها ، فضلا عن المشاريع الحيوية والحساسة كتوليد ونقل الطاقة ووسائل المواصلات الجوية أو البحرية وغيرها، أدت إلى ظهور جريمة ذات أصل تقليدي قديمة قدم البشر وقدم النزاعات البشرية ، جريمة نمت وازدهرت في عصر المعلومات واتخذت أبعادا جديدة وآفاقا أرحب مع تطور الحاسبات والشبكات ووسائل الاتصال ألا وهي جريمة التجسس والتنصت على البيانات والمعلومات . من هذا المنطلق حرص المشرع العماني من خلال نص المادة الثامنة على توفير الحماية القانونية لتلك البيانات والمعلومات .
والهدف من وراء تقرير هذا النص حماية حق احترام البيانات والمعلومات المرسلة ، حيث أن هذه الجريمة تشكل انتهاكا للحق في احترام الاتصالات ،.


أولا. الركن المادي:
اعتراض البيانات والمعلومات المجرم بالنص السابق قد يتم باستخدام الوسائل الفنية كالتنصت أو التحكم أو مراقبة محتوى الاتصال ، والحصول على الأخير قد يتم بطريقة مباشرة عن طريق الولوج إلى داخل النظام المعلوماتي واستخدامه ، أو قد يتم بطرق غير مباشرة عن طريق استخدام أجهزة التنصت ، كذلك يمكن أن تشتمل أجهزة الاعتراض على تسجيل البيانات . ليس هذا فحسب بل إن نطاق الوسائل الفنية يجب أن يمتد ليشمل الأجهزة الفنية المتصلة بخطوط النقل أو الاتصال ، والبرامج ، وكلمات المرور والشفرات.
أن المشرّع العماني في تجريمه لهذا السلوك الإجرامي لم يشترط نوعية معينة من البيانات أو المعلومات فقد تكون معلومات تخص الدولة أمنية أو سياسية أو اقتصادية ، وقد تكون معلومات أو بيانات خاصة بأحد الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين ، فالمشرّع  لم يضع شروطا تتعلق بطبيعة البيانات و المعلومات محل التجسس ولم يشترط تبعيتها لجهة معينة وإنما جاء النص عاما ليشمل كافة أنواع المعلومات والبيانات سواء أكانت تابعة لجهة حكومية أو خاصة . وتقع هذه الجريمة من أي إنسان أيا كانت صفته ، سواء كان يعمل في مجال الأنظمة الحاسوبية أم لا علاقة له بذلك بيد أنه يجب أن لا يكون الجاني أو الفاعل من أولئك المصرح لهم بالحصول على تلك المعلومات ، لأن في هذه الحالة تنتفي صفة غير المشروعية . كذلك وكما يتضح من سياق النص السابق أن المشرع جرّم التجسس على المعلومات أو البيانات بغض النظر عن كونها تتمتع بحماية النظم الأمنية من عدمه. كما وأن النص ينطبق على جميع أشكال النقل الإلكتروني للبيانات ، سواء تم عبر التلفون أو الفاكس أو البريد الإلكتروني.
ولقيام الجريمة وفقا للنص السابق فإنه يشترط أن تكون البيانات والمعلومات محل الجريمة قد نقلت بوسيلة من وسائل الاتصال غير العلنية أي غير العمومية ، ويلاحظ أن مصطلح "غير العلنية صفة تتبع طبيعة وسيلة النقل أو الاتصال وليس طبيعة البيانات والمعلومات المرسلة فهذه الأخيرة قد تكون متوفرة للعالم كله لكن  أصحابها يرغبون في إرسالها بطريقة سرية .
باستقراء النص السابق نجد أن الركن المادي لهذه الجريمة يقوم على فعل الدخول- المنطقي- غير المشروع ، على المواقع الالكترونية المنتج لأثر حيث أن الجريمة لا تقوم بمجرد الولوج إلى الموقع  وإنما يشترط أن يكون بقصد  تغيير تصميمها أو تعديل محتواها أو إتلافه أو إلغائه أو سرقة عنوانها .
ثانيا. الركن المعنوي:
من الملاحظات الأساسية التي أفرزها النص تلك الخاصة بالركن المعنوي فهذه الجريمة وفقا لهذا النص تعد من الجرائم العمدية التي تقوم بالقصد الجنائي العام  بعنصرية العلم والإرادة ، فيجب أن يعلم الجاني بأن حصوله على تلك المعلومات أو البيانات تم بوجه غير مشروع وضد إرادة ورغبة صاحب السيطرة عليها ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لا بد وأن تتجه إرادته إلى إتيان هذا الفعل بالمخالفة للقانون وبالمخالفة لإرادة صاحب المعلومات أو البيانات.

ثالثا. العقوبة :
أما فيما يتعلق بالعقوبة فكما هو واضح من سياق النص السابق أن المشرع قرر نوعين من العقوبة الأولى سالبة للحرية تتمثل في السجن بحد أدنى سنة  وبحد أقصي ثلاث سنوات ، والثانية مالية بحد أدنى ثلاثة آلاف ريال عماني وبحد أقصى عشرة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين


والي الملتقى مع نص جديد من نصوص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات

د. حسين بن سعيد بن سيف الغافري
استشاري قانوني
هيئة تقنية المعلومات
مسقط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق