الأربعاء، 25 يناير 2012

نوافذ قانونية حول قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات

النافذة الثانية
استكمالا لمشورنا في تحليل نصوص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات  سوف نقف اليوم أما نص جديد لنتدارسه مع بعضنا البعض ألا وهو نص المادة الرابعة ونص المادة الخامسة

أولا . المادة الرابعة :
نصت المادة الرابعة من القانون على أنه "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عمانى ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عمانى أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المادة (3) من هذا القانون أثناء أو بمناسبة تأدية عمله .
التحليل:
‌أ.     ذكرنا في المقال السابق عندما قمنا بتحليل مضمون نص المادة الثالثة من القانون أن المشرع نص على نوعين من التشديد تشدد فيهما العقوبة الأصلية هما :
1.  في حالة ترتب على الأفعال الثالثة السابقة  إلغــاء أو تغييــر أو تعديــل أو تشويـــه أو إتــــلاف أو نسخ أو تدمير أو نشر أو إعادة نشر للمعطيات المخزنة في النظام المعلوماتي أو تدميـــر ذلـــك النظــام أو الشبكة المعلوماتية أو إلحاق ضرر بالمستخدمين أو المستفيدين ، تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة وغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال عماني ولا تزيد على ألف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين .
2.  في حالة كانت البيانات أو المعلومات التي تأثرت من جراء الافعال السابقة شخصية تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سنة  ولا تزيد على ثلاث سنوات وغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين.
. وجاء المشرع هنا ومن خلال هذه المادة ( المادة 4) ونص على نوع ثالث من التشديد تشدد فيها العقوبة الأصلية لتصل إلى السجن بحد أقصى ثلاثة سنوات والغرامة ثلاثة آلاف ريال وذلك في حالة تم ارتكاب الأفعال المنصوص عليها في المادة 3 من قبل المتهم بمناسبة أداء عمله أو أثناء عمله .والسؤال هنا اليس كان من الأحرى بالمشرع دمج المادتين في مادة واحدة بدلا من إفراد مادة مستقلة  سيما وأن التشديد المنصوص عليه في هذه المادة هو ذاته التشديد المنصوص عليه في المادة الثالثة .

ثانيا . المادة الخامسة:
غالبية الدول أن لم تكن جميعها حرصت على ميكنة المستندات الطبية وبات استخدام ما افرزته الثورة المعلوماتية من أجهزة وبرامج هو السمة البارزة في الكثير من المؤسسات الصحية العامة منها والخاصة ، والسلطنة لم تكون بمنأى عن هذا التطور الكبير في الخدمات الصحية فجميع المؤسسات الصحية في السلطنة باتت تستخدم تقنية المعلومات وتم الاستغناء على الاوراق كليا وذات الشيء نجده في المؤسسات الصحية الخاصة فهي الأخرى حرصت على الاستفادة من الثورة المعلوماتية من هذا المنطلق ولأهمية توفير حماية قانونية للمستندات الطبية المخزنة والمتداولة في العالم الرقمي حرص المشرع العماني على إفراد نص خاص يجرم الاتلاف الواقع على المستندات الطبية .
.
والإتلاف المقصود هنا ليس الاتلاف التقليدي وإنما هو ذلك الذي يوجه إلى الجانب المنطقي والمعنوي في الحاسب الآلي والذي أصبح يشكل قيمة مالية مرتفعة، فإتلاف برامج ومعلومات الحاسب الآلي فيه افتقاد لمنفعة هذه البرامج والمعلومات .نصت المادة الخامسة من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات على ""يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على عشرة آلاف ريال عماني ، كل من غير أو عدل أو أتلف عمدا ودون وجه حق باستخدام وسائل تقنية المعلومات بيانات أو معلومات إلكترونية عبارة عن تقرير فحص أو تشخيص أو علاج أو رعاية طبية مخزن في نظام معلوماتي أو وسائل تقنية المعلومات"

أولا. الركن المادي:

من خلال النص السابق يتبن لنا أن المشرع العماني في تجريمه لهذا السلوك الإجرامي حدد ثلاث صور هي
1.الإتلاف: ويعني إفناء هذه المستندات الطبية وإهلاكها كليا أو جزئيا.2.التعديل ويقصد به إجراء تعديل على المستندات الطبية سواء كانت تقارير أو وصفات أو غيرها ، وذلك عن طريق اضافة بعض المعطيات إلى المعطيات الموجودة أو حذف بعضها.3.التغير ويقصد به تغير المعطيات الموجودة داخل المستندات الطبية النظام واستبدالها بمعطيات أخرى.
والملاحظ من النص السابق أن المشرّع العماني وهو يجرم هذه الجريمة لم يحدد الجهة التي يتبع لها معالجة البيانات إلا أنه اشترط أن تكون المستندات محل التجريم طبية سواء أكانت تابعة لجهة طبية حكومية أو خاصة . ومن ناحية ثالثة لم يحدد وسائل معينة تتم بها عملية الإتلاف المعلوماتي ، مما يعني أن النص يتسع ليشمل كافة الطرق الفنية والتقنية المستخدمة في إتلاف المعلومات بما في ذلك استخدام البرامج الخبيثة كالفيروسات والقنابل المعلوماتية وبرامج الدودة وغيرها. ومن ناحية رابعة نجد أن الجريمة تقوم بمجرد القيام بأحد الأفعال الإجرامية كما وأن العقاب على إتلاف المعلومات لم يرتبط بالدخول غير المصرح به إلى نظام الحاسب الآلي.

ثانيا . الركن المعنوي:
هذه الجريمة وكما هو واضح من سياق النص السابق تعد من الجرائم العمدية التي تتحقق بتوافر القصد الجنائي. والقصد المقصود هنا هو العام بعنصرية العلم والإرادة -علم الجاني بأنه يقوم بأحد الأفعال المذكورة في النص القانوني والتي من شأنها إتلاف المستندات الطبية ، وأن تتجه إرادته إلى ذلك.ثالثا. العقوبة :

من حيث العقوبة نجد أن المشرّع قرر لهذه الجريمة نوعين من العقوبة سالبة للحرية وهي الحبس بحد أدنى شهر وحد أقصى ثلاث سنوات ، ومالية تتمثل في الغرامة بحد أدنى ألف ريال وحد أقصى عشرة آلاف ريال ، والأصل العام هو أن يتم الحكم بالعقوبتين معا والاستثناء هو الحكم بإحداهن.

والي الملتقى مع نص جديد من نصوص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات

د. حسين بن سعيد بن سيف الغافري
إستشاري قانوني
هيئة تقنية المعلومات
مسقط
9/12/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق