السبت، 16 يوليو 2011

التشريعات العمانية ودورها في تحفيز نقل التكنولوجيا

المحور الأول

ماهية نقل التكنولوجيا


أولا. مفهوم نقل التكنولوجيا:
كلمة تكنولوجيا Techno logia مصطلح مركب من كلمتين الأولي Techno وتعني الفن ، الحرفة والدراية ، والثانية logia وتعني مفهوم أو تعليم . وفي مجملها تعني مجموعة المعارف والعمليات والقواعد والحنكات المستخدمة في تحضير أي  منتج ما من المنتجات في أي نشاط من الأنشطة الانتاجية . وأهم عنصر في التكنولوجيا هو العملية التكنولوجية التي هي سلسلة أفعال موجهة لخلق ونجاز هدف معين ، وكل واحد من هذه الأفعال يرتكز على عمليات طبيعية وأيضا على النشاط البشري ،  وتعتمد كذلك في ما يخص تطورها على مجموعة من المعارف العلمية و الطبيعية، كما وأنها بدورها تودي إلى ظهور مجالات جديدة للعلم والتقنية وتخلق القاعدة المادية والمعلوماتية لتطورها . إذا نستطيع أن نقول أن التكنولوجيا هي نتاج ومصدر تطور الحضارات [1].
ومن الناحية الاقتصادية يمكن تعريف التكنولوجيا بأنها مجموعة المعارف والطرق العلمية اللازمة لتحويل عناصر الإنتاج إلى منتجات . وتتضمن وسائل الإنتاج والادارة والتنظيم معتمدة على العلم ومرتكزة على البحث والتطوير[2] .
ومن الناحية القانونية فليس ثمة تعريف قاطع لمفهوم التكنولوجيا على الرغم من نفاذ هذه المصطلح إلى نطاق القانون الدولي .
فمؤتمر الامم المتحدة للتنمية والتجارة عرف التكنولوجيا بانها كل ما يمكن ان يكون محلاً لبيع او شراء او تبادل وعلى وجه الخصوص براءات الاختراع والعلامات التجارية والمعرفة الفنية غير الممنوح عنها براءات او علامات او القابلة لهذا المنح وفقاً للقوانين التي تنظم براءات الاختراع والعلامات التجارية. والمهارات والخبرات التي لا تنفصل عن اشخاص العاملين. والمعرفة التكنولوجية المتجسدة في اشياء مادية وبصفة خاصة المعدات والآلات "[3].
هذا فيما يخص مصطلح التكنولوجيا ذاته . ولكن ما هو المقصود بمصطلح نقل التكنولوجيا؟
 مما تجدر ملاحظته أن مفهوم نقل التكنولوجيا يختلف من مؤلف إلى آخر فهناك ممن يرى أن نقل التكنولوجيا "يؤدي إلى الحصول على معلومات غنية بالتكنولوجيا في قطاع معين وتكون واردة من الخارج ، ويسمى بالمعلومات المجلوبة من الخارج "[4] .
وهناك من يرى بأن المقصود بهذا المصطلح " استعارة الأساليب الفنية والاجتماعية المطبقة في البلاد الصناعية المتقدمة لتوظيفها بما يخدم النمو والتقدم في البلاد النامية أو التي دخلت حديثا في ميدان الصناعة والتقدم[5] .
كما عرف مصطلح نقل التكنولوجيا بأنه تبادل المعلومات التقنية بشكل يسهل معه تطبيقها تطبيقاً علمياً، فهي  تلك العملية الفكرية التي تقوم ما بين مورد التكنولوجيا ومستوردها او متلقيها ، اذ على المورد ان يتيح فرصة للمستورد للوصول الى معلوماته و خبراته كما ان عليه ان يقربها ويوفرها للمستورد ، وهذا يقتضي قيام تعاونا وتبادلا فيما بينهما تمهيدا لإتمام هذا النقل ، ولذلك تعد المفاوضات السابقة لهذا النقل من اصعب المهام وتقتضي خبرة خاصة [6].
أنواع نقل التكنولوجيا
 يجب التفرقة بين نوعين مختلفين لنقل التكنولوجيا ، الأول هو النقل الداخلي للتكنولوجيا ، وهو الذي يتم داخل المشروع ، كالنقل داخل المشروع الواحد من الشركة الأم إلى شركاتها الوليدة المنتشرة في أماكن متفرقة من العالم ، أو فيما بين هذه الشركات الوليدة  . ويطلق على هذا النوع من الاستثمار المباشر النقل الداخلي للتكنولوجيا لأنه لا يتضمن نقلا حقيقيا للتكنولوجيا ، بل تظل التكنولوجيا في قبضة المشروع وسيطرته ولا تخرج منه .
الاستماع
قراءة صوتية للكلمات

أما النوع الثاني فهو النقل الخارجي للتكنولوجيا وهو الذي يتم بين المشروع الناقل ومشروع آخر مستقل عنه ، كالنقل من المشروع متعدد القوميات من الشركة الام أو من  شركاتها الوليدة الي مشروعات أخرى مستقلة في دول أخري[7] . وقد أقر العالم بوجود ضرورة ملحة اتجاه الدول النامية تفرض عليها واجب إخراج هذه الأخيرة من حالة الجمود والتخلف التي تعانيها وذلك بالالتجاء إلى ميكانيكية نقل التكنولوجيا [8].
الأثار الاقتصادية لنقل التكنولوجيا
لا أحد يستطيع أن ينكر أن التكنولوجيا باتت جزءا لا يتجزأ من البناء الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لأي مجتمع حديث ، ليس هذا فحسب بل بات هو المقياس الذي من خلاله يقاس التقدم والتطور في أي بلد ، فما هو الشيء الذي تقدمه لنا التكنولوجيا ؟ وما هو الثمن الذي ينبغي علنا أن ندفعه ثمنا للتكنولوجيا الجديدة ؟
1.الأثار الايجابية: تتمثل الاثار الايجابية لنقل التكنولوجيا في الآتي :
أ. تمكن من التمتع بميزات وفورات الحجم الكبير في الإنتاج سواء بشراء كميات كبيرة من المواد الخام أو الوقود أو مواد التغليف مما يمنح أسعار منخفضة جدا للحجم الكبير في المواد الخام وغيرها مما يؤدي إلى نقص التكلفة للوحدة وجعل سعرها منخفضا ومنافسا .
ب. تصنيع المنتجات المطلوبة في البلد النامي نفسه ، بدل أن يتم استردادها من الشركة الأم ، وبهذه الحالة يكون التصنيع محليا فيزيد الاستثمار ويشغل يدا عاملة ويحرك السوق الداخلية عن طريق الحصول على المحتوى المطلوب للتصنيع محليا .
ج. هدف نقل التكنولوجيا هو التنمية الاقتصادية وبالتالي فإن التكنولوجيا ونقلها يعدان حلا ضمن باقي الحلول المتعلقة بمشاكل التخلف والتنمية للبلاد النامية .
د. السماح بنمو أكبر للصناعات المحلية وباستغلال أفضل للموارد المحلية ، والبشرية والمادية .
ه. زيادة وتحسين الكفاءة الانتاجية وتوفير الوقت والجهد والمال مما يقلل من تكلفة السلع ويؤدي إلى تقليل سعرها وتحسين نوعيتها .
و. يقلل من كمية المواد المفقودة أو التالفة والمهدور أو الضائع من الوقت والجهد .
ز. يوفر عمالة مهرة يساعدون على تطوير وتحديث التكنولوجيا وقد يساعدون على خلق تكنولوجيا محلية .
2.الأثار السلبية : وتتمثل
أ. زيادة نسبة العاطلين عن العمل .
ب. التأثير السلبي على الانسان والبيئة
ج. إثقال الدول النامية بالديون نتيجة ارتفاع تكاليف نقل التكنولوجيا .
د. استخدام التكنولوجيا الحديثة  بشكل عشوائي غير مدروس سوف يؤدي إلى الاعتماد وبشكل مستمر على الدول الصناعية المتقدمة .

ومع هذه الآثار السلبية التي قد يخلفها نقل التكنولوجيا فإنه لا بد من القول أن المجتمع الحديث هو المجتمع التكنولوجي حيث أنه لا سبيل إلى العودة إلى الوراء إلى زمن المجتمعات البدائية .



المحور الثاني

الحوافز التشريعية لنقل التكنولوجيا 


الجهود التشريعية للسلطنة فيما يخص التكنولوجيا ونقلها تمثلت في إصدار حزمة من التشريعات المتعاقبة كان على رأسها النظام الأساسي للسلطنة ومن خلال هذا المحور سوف نتطرق إلى بيان أهم تلك التشريعات وأهم الاحكام التي تضمنتها وذلك على النحو التالي :   

أولا . النظام الأساسي للسلطنة :

أقر النظام الأساسي للسلطنة الحرية الاقتصادية ولكنه ليست بالمفهوم الموجود في النظام الرأسمالي ، حيث أن حرية النشاط الاقتصادي  مقيدة بأن تكون في حدود القانون وبما يضمن السلامة للاقتصاد الوطني[9] . ومما لا شك فيه أن هذا الأمر يعد حافزا كبيرا لنقل التكنولوجيا فهذه الأخيرة تنتقل من خلال الأنشطة الاقتصادية المتنوعة.

ثانيا.  قانون استثمار رأس المال الأجنبي[10]:

يعرف الاستثمار الأجنبي المباشر بأنه قيام المستثمر الأجنبي سواء أكان شخصية اعتبارية أو طبيعية باستثمار أمواله داخل الدولة المضيفة وبالتالي إقامة مشروع يمارس من خلاله نشاطا اقتصاديا وفي الغالب يكون هذا النشاط في شكل شركة وليدة مملوكة بالكامل للشركة الأم المتعددة الجنسيات ، أو في شكل مشروع مشترك " شركة وليدة مشتركة ، بالاشتراك مع رأس المال المحلي العام أو الخاص في الدولة المضيفة .
وما يميز الاستثمار الاجنبي المباشر عن غيره من الاستثمارات الاجنبية الأخرى هو سيطرة المستثمر الاجنبي على رأس المال والتقنية المستخدمة والادارة ومهارات التسويق لترويج المشروع تجاريا.[11]
لهذا فهو يعتبر من أهم الوسائل المباشرة لنقل التكنولوجيا ، ولقد تزايدت أهميته ودوره في عملية التنمية خصوصا بعد التغيرات الكبيرة التي طرأت على النظام المالي الدولي في أعقاب أزمة المديونية الخارجية في أوائل الثمانينات ، من هذا المنطلق سعت معظم الدول إلى جذب الاستثمارات الاجنبية للاستعانة بها في تمويل مشاريعها ، ومن ضمن تلك الدول كانت السلطنة التي حرصت كثيرا على توفير البيئة المناسبة للاستثمارات الاجنبية ويتجلى هذا جليا في إصدار قانون خاص باستثمار رأس المال الأجنبي تضمن الكثير من الاحكام والحوافز .
وبدراسة النصوص الواردة في  قانون رأس استثمار رأس  المال الأجنبي يتبين مقدار الحوافز التي منحها المشرع لمشروعات الاستثمار الأجنبي فمن جهة أولي سمح القانون لغير العمانيين سواء كانوا أشخاص طبيعية أو معنوية مزاولة أي أعمال تجارية أو صناعية أو سياحية أو المشاركة في شركة عمانية قائمة ، شريطة الحصول على ترخيص من وزارة التجارة والصناعة[12]. واستثنت المادة الثالثة من القانون ممارسو الاعمال التي يقرر مجلس الوزراء حاجة البلاد إليها ،و الشركات التي تقوم بأعمال في السلطنة بناء  على عقود خاصة أو اتفاقيات مع حكومة السلطنة من هذا الشرط .
وللحصول على الترخيص اشترطت المادة الثانية من ذات القانون  أن تجري الأعمال بواسطة شركة عمانية لا يقل رأس مالها عن 150 ألف ريال وأن لا تزيد حصة الأجانب فيها على 49% من رأس المال ، إلا أنه يجوز بقرار من وزير التجارة والصناعة  أن تجاوز هذه النسبة لتصل 65% ، ويمكن أن تصل أيضا  إلى 100% في المشروعات التي تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني وفي هذه الأخيرة لا بد من موافقة مجلس التنمية . والنص السابق يؤكد على المرونة التي يتميز بها التشريع العماني فيما يتعلق بإقامة المشروعات الاستثمارية والتي هي تعتبر مطلب رئيس للكثير من المستثمرين .
أيضا من الامتيازات التي منحها القانون لمشروعات الاستثمار الأجنبي الاعفاء من ضريبة الدخل لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة ، وأيضا الإعفاء من الرسوم الجمركية بالنسبة للمواد الأولية اللازمة للإنتاج ولمدة خمس سنوات[13].
حافز أخر نصت عليه المادة 10 من القانون خاص بالأراضي اللازمة لإنشاء مشروعات الاستثمار  حيث نصت على أن " تخصيص الأراضي اللازمة لمشروع الاستثمار سواء  بمنحها حق الانتفاع بها ، او بطريق الايجار طويل الامد ".
في جانب آخر نجد أن المادة 13 من نفس القانون تقرر حكما مفاده إعفاء مشروعات الاستثمار الأجنبي من القيد في سجل  المستوردين إذا رغبت أن تستورد بذاتها أو عن طريق الغير ما تحتاج إليه في إنشائها أو التوسع أو تشغيلها من مستلزمات الانتاج والمواد والادوات وقطع الغيار ووسائل النقل المناسبة لطبيعة نشاطها .




ثالثا. قانون حماية الملكية الصناعية 67/2008[14] :      

بالرجوع إلى النصوص الواردة في قانون حماية الملكية الصناعية السالف الذكر ودراستها يتبين لنا أنها فيما يتعلق بموضوع البحث وهو نقل التكنولوجيا تضمنت ثلاثة جزئيات رئيسية هي على النحو التالي :
1.براءة الاختراع :
وضع تعريف للاختراع في تشريع بمقتضى نص خاص يعتبر أمرا هاما لحماية الاقتصاد الوطني ، وذلك حتى لا تمنح الدولة براءات اختراع ترتب احتكارات اقتصادية لأصحابها عن أفكار تافهة أو قديمة . الأمر الذي دعي العديد من الدول وخاصة المتقدمة إلى تعريف الاختراع في ظل قوانينها . من هذا المنطلق نجد أن المشرع العماني كان حريصا على وضع تعريف لمصطلح الاختراع .
وجاء تعريف الاختراع في القانون العماني بموجب نص المادة الأولى من قانون حماية الملكية الصناعية حيث عرفت الاختراع على أنه" فكرة المخترع ، التي تسمح عمليا بحل مشكلة محدد في مجال التكنولوجيا سواء كان الاختراع منتجا أو يتعلق بمنتج أو بعملية صناعية" .
ومن هذا المنطلق عرفت ذات المادة براءة الاختراع  بأنها " سند الملكية الممنوح لحماية اختراع ما ، والذي يمثل قرينة قابلة للتنفيذ بصحة وقابلية حق صاحبه في منح الأخرين من استغلال الاختراع المطلوب حمايته في السلطنة للإنفاذ .
والواضح من التعريف السابق أن براءة الاختراع شهادة بمقتضاها تمنح الدولة صاحب الاختراع أو تمنح شخصا آخر ، متى توافرت شروط معينه وبدون مسؤولية على عاتق الدولة الحق الاستئثاري  في استغلال هذا الاختراع مدة معينة . أو بعبارة أكثر دقة إن براءة الاختراع هي حق منع الاخرين من استغلال الاختراع خلال مدة معينة.
وتعد براءات الاختراع من أهم وسائل نقل التكنولوجيا غير المباشر لذا نجد أن المشرع العماني كان حريصا على تنظيم هذه الجزئية ، والبداية الحقيقة لتنظيم براءات الاختراع ليس بموجب القانون محل الدراسة وإنما بموجب قانون براءات الاختراع الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 81/2000م ، إلا أن المشرع ورغبتا منه في التجديد ومواجبة التطور ألغى القانون الاخير وأصدر قانون حماية الملكية الصناعية بموجب المرسوم السلطاني رقم 67/2008م.ومن الأحكام التي أتى بها هذا القانون نجد أن :
المادة الثالثة منه بينت أن الشروط الواجب توافرها في الاختراع ليكون قابلا للحصول على براءة اختراع أن يكون جديدا ومنطويا على خطوة إبداعية وقابلا للتطبيق الصناعي . ويكون الاختراع جديدا إذا لم يكن مسبوقا بتقنية صناعية سابقة من أي شيء تم الافصاح عنه للجمهور في أي مكان في العالم سواء بالنشر أو بالإفصاح الشفوي . ويعتبر منطويا على خطوة إبداعية إذا كان وحسبما أشارت إليه الفقرة الثانية من ذات المادة غير واضح لشخص يمتلك الخبرة التخصصية في التقنية الفنية في تاريخ الابداع أو في تاريخ الأولوية .ويكون قابلا للتطبيق الصناعي إذا كان يمكن صنعه أو استخدامه في أي نوع من الصناعة أو إذا كان له منفعة محددة وموثوقة في كافة المجالات.
المادة الرابعة من ذات القانون بينت أن الأصل العام أن يكون الحق في البراءة للمخترع ، إلا أنه يجوز التنازل عنه أو حوالته للخلف ومما لا شك فيه هذا يسهم كثيرا في نقل التكنولوجيا . ومن الاحكام التي أتت بها المادة الرابعة أيضا تلك الواردة في البند 6 من ذات المادة حيث بينت أنه في حالة عدم رغبة صاحب العمل في الاختراع فإنه يجوز له خلال 60 يوما من تاريخ إبلاغه بالاختراع أن يخطر العامل بذلك وفي هذه الحالة يجوز للعامل أن يسعى للحصول على حقوق براءة بصورة حصرية . وعندما يباشر العامل الاستغلال التجاري للاختراع يكون لصاحب العمل الحق في مكافأة تتناسب والقيمة الاقتصادية للمواد أو البيانات أو الخبرة التي استخدمها العامل في  عمل الاختراع ، وهذا في حد ذات عاملا مساعدا لنقل التكنولوجيا والاستفادة منها بدلا من أن يظل الاختراع حبيس الادراج . البند  7 من ذات المادة بين أنه في حالة إهمال صاحب العمل إيداع طلب الحصول على براءة اختراع خلال سنة من التاريخ الذي ابلغه فيه العامل بالاختراع فيكون للعامل في هذه الحالة الحق في البراءة أو التنازل عنه لأي طرف آخر ، وكذلك نقل ترخيص البراءة إذا تم منحها  ، هذا أيضا يعد هو الأخر عاملا مشجعا لموضوع البحث .مع العلم بأن الاستغلال الصناعي أو التجاري للاختراع المحمي ببراءة اختراع بواسطة العامل وحسبما أشارت الفقرة الثانية من ذات البند لا يشكل منافسة غير مشروعة بشرط أن لا يترتب على ذلك الاستغلال ، الاستخدام غير المصرح به أو إفشاء اسرار المهنة التي تخص صاحب العمل .  
المادة الخامسة من ذات القانون بينت الإجراءات الواجب الالتزام بها عند التقدم بطلب الحصول على براءة اختراع[15] .
أيضا من الأحكام تلك الواردة في المادة 11 من القانون وتحديدا الفقرة الأولى حيث أكدت على الحق الاستئثاري لصاحب البراءة على استغلال اختراعه وبينت الفقرة الثانية من ذات المادة الأفعال التي تعد استغلالا لاختراع حاصلا على براءة اختراع  مفرقة في ذلك بين كون الاختراع متعلقا بمنتج[16] أو متعلق بعملية صناعية[17] أو متعلق بنبات أو صنف نباتي[18] .
والقاعدة السابقة ليست مطلقه وإنما أورد المشرع عليها استثناء من خلال المادة 11 وتحديدا البند 5 منها حيث أعطى للوزير صلاحية الاعلان بحكم وظيفته أو بناء على طلب أي طرف ذي مصلحة عن سقوط حق البراءة ومن ثم الترخيص لأشخاص آخرين باستيراد المنتج المحمي أو المنتج أو منتج مصنع ، بطريق مباشر أو غير مباشر ، عن طريق الاختراع المحمي ببراءة من إقليم آخر إذا كان المنتج غير متوفر في السلطنة أو متوفر في السلطنة بمعايير جودة متدنية أو بكمية غير كافية لمقابلة الطلب المحلي أو بأسعار يعتبرها الوزير تعسفية أو لأى سبب أخر يتعلق بالمصلحة العامة ، بما في الممارسات غير التنافسية ، وهذه الصلاحية الممنوحة للوزير مشروطة بكون المنتج قد تم وضعه في قنوات التجارة في الإقليم الذي سيستورد منه بواسطة مالك البراءة أو بموافقته ، هذا من جهة ومن جهة أخري ، أن تكون هناك براءة اختراع تطالب بالمنتج أو بالعملية الصناعية لتصنيعه ، نافذة المفعول في الإقليم الذي سيتم استيراد المنتج منه ومملوكة لنفس الشخص الذي يملك البراءة في السلطنة أو شخص تابع له . والحكم السابق يؤكد جليا على حرص المشرع على موضوع نقل التكنولوجيا من خلال حرصه الشديد على الاستفادة القصوى من الاختراعات .
وفيما يخص المدة القانونية لبراءة الاختراع فهي وحسبما أشارت إليه المادة 12 البند 1/أ  20 سنة[19] تبدأ من تاريخ طلب الحصول على البراءة ، إلا أنه يجوز أن تعدل هذه المدة بما لا يجاوز خمس سنوات من تاريخ الانتهاء العادي ، وهذا مرهون وحسبما أشارت إليه المادة الفقرة ج من ذات البند بأن إجراءات الموافقة على التسويق المتعلقة بالاستخدام التجاري الأول للمنتج بالسلطنة يستغرق أكثر من 24 شهرا من تاريخ تقديم طلب الموافقة على التسويق لأسباب خارجه عن إرادة مودع الطلب أو مالك البراءة .
المادة 13/ 3/ب وضعت حكما من شأنه الحد من الحق الاستئثاري لمالك براءة الاختراع حيث قررت أن يجوز للوزير وبدون موافقة مالك البراءة أن يقرر قيام أي جهة حكومية أو شخص آخر باستغلال الاختراع ، ويكون هذا الاستغلال مقصورا على الغرض الذي رخص من أجله ، على أن تدفع مكافاة كافية لمالك البراءة حسب ظروف كل حالة.
وفيما يحص توفير الحماية القانونية لبراءة الاختراع نجد أن المادة 66 من القانون أعطت للمحكمة الحق في أن تصدر أمرا قضائيا يمنع التعدي القائم أو الوشيك ، ليس هذا فحسب بل وبالتعويض عن الأضرار إذا كان المعتدي قد تصرف وهو يعلم أو كانت لديه اسباب معقولة ليعلم بأن تصرفه غير مشروع ،وسلطة المحكمة هنا مقيدة بشرط طلب مالك البراءة أو المرخص له الحصري أو غير الحصري أو الاجباري .
جزئية أخرى أتت بها المادة 66/3 حينما أشارت إلى أن التعويضات القانونية المستحقة لمالكي براءات الاختراع في السلطنة تكون متاحة متى كان ذلك ملائما لمالكي البراءات الأجنبية التي صدر بشأنها ترخيص إجباري لأغراض تزويد السلطنة بالمنتجات الدوائية وفقا لقرار المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية ، وذلك لمنع الاستيراد غير المصرح به وكذلك عند إعادة التصدير .   
2.التراخيص licensing:
تعـد التراخيص من أهم أشكال نقل التكنولوجيا سواء أدى إلى نقل غير مباشر ، أو كان سببا في تغيير بنية ملكية المشروع ، من مشروع وطني بحت إلى مشروع مشاركة .وتعود أهمية التراخيص إلى إمكانية تعامله مع أكثر من نواع واحد من أنواع النقل التكنولوجي.
فالترخيص هو أحد مقاييس الإنتاج التكنولوجي التي يشيع استخدامها في تقدير التدفقات الدولية للتكنولوجيا . يعرف بأنه الحق المترتب لمؤسسة ما في ممارسة الاستخدام التجاري لحق ملكية تكنولوجيا تخص مؤسسة أخري ، مع الخضوع لشروط محددة متفق عليها [20] .كما يعرف بأنه منح حق استخدام ابتكار مسجل أو علامة تجارية أو غيرها من صنوف احتكار حق استخدام تجديد تكنولوجي من قبل المالك الأصلي لهذا الحق لمشتري معين بشروط معينة وفي مقابل ريع نقدي محدد[21].
هذا وينصب الترخيص عادة على حق استخدام براءة اختراع ، أو معرفة فنية أو طرائق صنع ، أو معرفة إدارية أو تنظيمية ، أو علامة تجارية أو ما شابهها ، من قبل المستورد لمدة معينة وذلك مقابل مردود مادي يقدم للمانح الذي هو مالك التكنولوجيا موضوع النقل .



-   مزايا وعيوب التراخيص : للتراخيص مزايا عدة كما وان لها أيضا على الجانب الآخر عيوب عدة ويمكننا تلخيص أهم مزايا وعيوب التراخيص في الآتي :
o     المزايا:
§   التخلص من تحكم صاحب الترخيص في سوق الدولة المضيفة أو في إدارة المشروع وأنشطته الانتاجية وبالتالي المحافظة على الاستقلال السياسي والاقتصادي .
§       تجنب خطر التبعية التكنولوجيا للدولة الأجنبية .
§       إمكانية تنمية التكنولوجيا الوطنية .
o     العيوب:
§   قد تحرم الدولة المضيفة من بعض أنواع التكنولوجيا الحديثة إذا رفض الطرف الأجنبي منح التراخيص الخاص بها .
§       ارتفاع تكلفة الحصول على تراخيص أو امتيازات في كثير من الأحيان .
§       انخفاض تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية .
§   عدم توفر الكفاءات الفنية والإدارية بالدول المضيفة قد يهدد إمكانية نجاح تلك الدول في استغلال براءة الاختراع المعنية استغلالا جيدا .





-انواع التراخيص :
لو رجعنا إلى قانون حماية الملكية الصناعية نجد أنه فرق وحسبما أشارت المادة الأولي منه بين نوعين من التراخيص هما [22]:
1. الترخيص الحصري: ويقصد به "عقد الترخيص  الذي يمنح المرخص له ولمن يحدده ، الحق في استغلال حق الملكية الصناعية المرخص به دون الآخرين .
2. الترخيص الإجباري: ويقصد به " عقد الترخيص الممنوح بواسطة الوزير لشخص طبيعي أو اعتباري خاص أو عام لاستغلال براءة اختراع أو نموذج منفعة أو تصميم تخطيطي أو رسم أو نموذج صناعي في السلطنة بدون الحصول على موافقة صاحب الحق .
والأصـل في الترخيص باستغلال بـراءة الاختراع أن يتم اراديـاً اختيـارياً بـأن يمنح المخترع ، صاحب البراءة ، للغير  مقـابل مبلغ يتم الاتفاق عليه بينهمـا ، الحق في استغلال الاختراع عن طريق تنفيذه وتصنيعه ، وبذلك ينتقل الاختراع بما يتضمنه من تكنولوجيا ومعرفـة فنيـة إلي المرخص له .
إلا أنه وإمعـاناً في إفـادة البشرية من الاختراعات المبدعة فإن القوانين المختلفة المنظمة لبراءات الاختراع تجيز ، إذا تقاعس المخترع عن استغلال اختراعه بنفسه أو التنـازل للغير عن هذا الاستغلال ، اللجوء إلي التراخيص الإجبـارية أو القانـونية  التي تتم بقـرار من السلطـة المختصـة بالدولة مانحة البراءة[23].
وهذا ما نص عليه القانون حيث بين في المادة 13/1/  أ الحالات التي تمنح فيها التراخيص الاجبارية : وهي :
1.   اذا اقتضت المصلحة العامة .
2. إذا كانت طريقة استغلال مالك البراءة أو المرخص له خالية من الروح التنافسية وهنا يشترط صدور قرار من جهة قضائية أو إدارية وأيضا اقتناع الوزير بأن منح الترخيص الاجباري من شأنه وقف تلك المنافسة غير التنافسية .
3.   ممارسة مالك البراءة لحقوقه الحصرية بصورة تعسفية .
4. إذا كان الاختراع غير متوفر بكميات أو بنوعيات كافية أو بأسعار معقولة بسبب التصنيع في السلطنة أو بسبب الاستيراد .
5. إذا كان هناك طلب براءة آخر ( البراءة الثانية ) ينطوي على اختراع متقدم فنيا ، وله أهمية اقتصادية ذات شأن للاختراع المطالب به في البراءة الأولي التي لا يمكن بدون التعدي عليها استغلال البراة الثانية .
إلا أن ذات المادة وفي البند 6 منها بينت أن الترخيص الإجباري في كل الأحوال غير حصري وبالتالي فإنه لا يحول دون استغلال الاختراع أو إبرام عقود الترخيص بواسطة مالك البراءة ، أو قيام مالك البراءة بالممارسة المستمرة لحقوقه.
كذلك ذات المادة في البند 8 افادت بأن استغلال الاختراع الصادر بشأنه ترخيص إجباري بغرض تصدير منتج دوائي أو عملية صناعية لمنتج دوائي محمي أو محمية ببراءة اختراع ، على تزويد السوق في السلطنة أو أي دولة أخرى ليست لها طاقة إنتاجية كافية من هذا المنتج الدوائي أو عملية صنعه.
البند التاسع من ذات المادة بين أن التراخيص الاجبارية للاختراعات ذات الصلة بتقنية أشباه الموصلات يكون فقط للاستخدام العام غير التجاري.

3.المنافسة غير المشروعة :

الجزئية الثالثة التي تطرق لها القانون محل الدراسة وذات صلة بموضوع انقل التكنولوجيا هي المنافسة غير المشروع  .
تعد المنافسة روح التجارة بل هي محك الحريات الاقتصادية للأفراد والجماعات  والتي أكد عليها النظام الأساسي للدولة ، وهي كما تكون بين التجار والمنتجين في ميدان التجارة والصناعة وميادين الاستغلال الأخرى من زراعة وغير ذلك فقد تكون أيضا بين الشعوب والأمم .
 ومبدأ حرية المنافسة يخول لكل تاجر الحق في استعمال كل الوسائل التي يراها مناسبة لاستقطاب الزبائن وذلك ببحثه المتواصل لإيجاد أحسن الطرق لتحسين منتوجه . ولا يخفى على أحدد ما لهذه المنافسة من آثار حسنة تتجلى في تقديم التجارة وازدهارها ، وفي تعميم الرخاء وتحسين الإنتاج ، لأنها تقوم على الأخلاق والشرف والخلق والإبداع .
إلا أن المنافسة كعمل مشروع ، قد تتعدى حدودها الطبيعية لتتحول إلى عمل غير مشروع نتيجة لجوء البعض إلى وسائل تتنافى وأعراف وعادات التجارة ، وتتنافى والشرف المهني.
وتتمثل المنافسة غير المشروعة في مجال حقوق الملكية الصناعية بتزييفها أو تقليدها أو اغتصابها دون توافر القصد الجنائي في ذلك وإلا كنا أمام دعوى جنائية .
وتعرف المنافسة المشروعة من الناحية القانونية وحسبما نصت عليه المادة 60 /2/أ من قانون حماية الملكية الصناعية أي عمل أو ممارسة في مجال الأنشطة الصناعية أو التجارية يتنافى مع الممارسات المشروعة .
أما من الناحية الفقهية فيمكن تعريفها بأنها كل عمل مناف للقانون والعادات والأعراف والاستقامة التجارية وذلك عن طريق بث الشائعات والادعاءات الكاذبة التي من شأنها تشويه السمعة التجارية لمنافس أو استخدام وسائل تؤدي إلى اللبس أو الخلط بين الأنشطة التجارية وذلك بهدف اجتذاب عملاء إحدى المنشأتين للأخرى أو صرف عملاء المنشأة عنها [24]  
ومما لا شك فيه أن عدم توفير الحماية من المنافسة غير المشروعة سوف يؤثر وبشكل كبير على الاستثمار المحلي وأيضا الأجنبي وهذا ما يهمنا على اعتبار أنه من أهم وسائل نقل التكنولوجيا فعدم وجود تشريع يوفر هذه الحماية سوف يخلق جو من عدم الثقة والامان لدى المستثمرين وبالتالي الإحجام عن الاستثمار في البلد .
لهذا نجد الدول تتسارع إلى توفير الحماية القانونية من المنافسة غير المشروعة ولقد  سلكت في ذلك  مسلكا متباينا فهناك من الدول من وضعت نظاما خاصا يحدد ما يمكن أن يعتبر من المخالفات التي تشكل منافسة غير مشروعة ويرتب الجزاءات المدنية والجنائية كقوانين الولايات المتحدة الأمريكية ، والقانون الألماني الذي وضع حماية مدنية وجنائية وجرم وعاقب  على الكثير من الافعال  التي تعتبر منافسة غير مشروعة كالدعوى الكاذبة والاستعمال التعسفي للعلامات والإساءة إلى التجار والصناع[25] .
وفي السلطنة نظم المشرع العماني الجزئية الخاصة بالمنافسة غير المشروعة في القانون الخاص بحماية الملكية الصناعية وذلك في فصل خاص ألا وهو الفصل الثالث منه ، فبينت المادة 60/2/ب أن من ضمن الأعمال والممارسات التي تدخل في عداد المنافسة غير المشروعة الإخلال بالعقد وبالثقة . أيضا القانون لم يغفل عن الاعمال التي قد تسبب أو من المحتمل أن تسبب التباسا فيما يتعلق بمنشأة منافس آخر أو نشاطها حيث اعتبرتها المادة 61/1 من ضمن أعمال المنافسة غير المشروعة .
كذلك اعتبرت المادة 62 الأعمال التي تضر أو من المحتمل أن تضر بالسمعة التجارية أو شهرة منافس آخر ضمن أعمال المنافسة غير المشروعة .
المادة 63/1 أشارت إلى أن أي عمل من الممكن أن يظلل أو من المحتمل أن يظلل الجمهور فيما يتعلق بمنشأة أو أنشتطها يعتبر منافسة غير مشروعة .
أما بالنسبة للكشف عن معلومات غير معلنة ، أو اكتسابها أو استخدمها بواسطة أطرف آخرين بدون إذن الشخص المتحكم قانونا في تلك البيانات وبطريقة مخالفة للممارسات التجارية النزيهة  فتعد وحسبما اشارت إليه المادة 65/1 من قبيل أعمال المنافسة غير المشروعة . وفي هذه الحالة وحسبما نصت المادة 71 فإن للمحكمة أن تأمر الجهة الحكومية المختصة بإلغاء الموافقة على التسويق .

رابعا .التشريعات الإلكترونية :

ظهور الثورة المعلوماتية وانتشارها الواسع جعل من العالم قرية صغيرة لا تعترف بالحدود السياسة وأصبحت المعلومة هي الثروة الحقيقة في عصر المعلوماتية .
من هذا المنطلق أصبحت الأصول المعلوماتية من برامج وأنظمة معلوماتية وشبكات حاسوبية هي الأساس في عمل الكثير من مشاريع الاستثمار الأجنبي وبات توفير الامن المعلوماتي لتلك المشاريع واجب على أي دولة تحرص على استقطاب الاستثمارات الاجنبية التي تعد من أهم وسائل نقل التكنولوجيا .
والمتتبع للتطور التشريعي الذي تشهده السلطنة يتبين له أنها حرصت على توفير بيئة قانونية قادرة على توفير الأمن المعلوماتي، من خلال إصدار تشريعين تضمنا تجريم العديد من الأفعال التي من شأن القيام بها زعزعة الأمن المعلوماتي ووضعت عقوبات رادعة لمن تسول له نفسه القيام بتلك الأفعال وذلك على النحو التالي :

1.قانون المعاملات الإلكترونية :

التعاملات التي تتم في العالم الافتراضي اقتضت بالضرورة إيجاد إطار تشريعي يحكمها وينظمها من هنا جاء قانون المعاملات الإلكترونية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (69/2008)م كأول تشريع عماني متكامل يحكم التعاملات التي تتم من خلال الإنترنت وغيرها من الوسائل التقنية . يحمل العديد من الأبعاد التي تتماشى مع الاستراتيجية الوطنية لمجتمع عمان الرقمي والحكومة الإلكترونية المنبثقة  من الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني 2020 ، والتي أخذت هيئة تقنية المعلومات على عاتقها تنفيذها . حيث ظهرت الحاجة إلى وجود تشريع قانوني متكامل ينظم مسألة التعاملات الإلكترونية في ظل الانفتاح المعلوماتي المتطور ليشكل بذلك نقله متميزة في البنية التشريعية القانونية التي تشهدها السلطنة .
ومن أهم النصوص التي أتى بها القانون تلك الواردة في الفصل التاسع منه ، حيث جرّم إتلاف المكونات المنطقية لأنظمة الحاسب الآلي بنص مستحدث خاص بها وهو نص البند الأول من المادة 52 من قانون المعاملات الإلكترونية[26] حيث نص على "" مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون الجزاء العماني أو أي قانون آخر ،يعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز سنتين و بغرامة لا تتجاوز 5000 ر0ع (خمسة آلاف ريال عماني) أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من : "تسبب عمداً في تعديل غير مرخص به في محتويات أي حاسب آلي بقصد إضعاف فاعليته أو منع أو تعويق الدخول إلى أي برنامج أو بيانات محفوظة فيه أو إضعاف فاعلية ذلك البرنامج أو إضعاف الاعتماد على تلك البيانات إذا تم ذلك التعديل بإحدى الطرق الآتية:
1.   شطب أي برنامج أو بيانات محفوظة في الحاسب الآلي.
2.   إضافة أي برنامج أو بيانات إلى محتويات الحاسب الآلي.
3.   أي فعل يسهم في إحداث ذلك التعديل.
ويتضح لنا من خلال النص السابق أن السلوك الإجرامي يتحقق بالإتلاف ويعني بها إفناء هذه المعلومات وإهلاكها كليا أو جزئيا ، أو بالإضافة ويعني بها إضافة كلية أو جزئية للمحتويات الموجودة في الحاسب الآلي  وهاتين الصورتين وردتا على سبيل المثال وليس الحصر بدليل أن المشرع أورد في نهاية البند عبارة ( أي فعل يسهم في إحداث ذلك التعديل ) .هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد أن المشرّع العماني وهو يجرم هذه الجريمة لم يحدد الجهة التي تتبع لها البيانات فهو لم يضع شروطا تتعلق بطبيعة البيانات و المعلومات محل الإتلاف ولم يشترط تبعيتها لجهة معينة وإنما جاء النص عاما ليشمل كافة أنواع المعلومات والبيانات سواء أكانت تابعة لجهة حكومية أو خاصة ، ومن ناحية ثالثة لم يحدد وسائل معينة تتم بها عملية الإتلاف المعلوماتي ، مما يعني أن النص يتسع ليشمل كافة الطرق الفنية والتقنية المستخدمة في إتلاف المعلومات بما في ذلك استخدام البرامج الخبيثة كالفيروسات والقنابل المعلوماتية وبرامج الدودة وغيرها ، ومن ناحية رابعة نجد أن الجريمة تقوم بمجرد القيام بأحد الأفعال الإجرامية كما وأن العقاب على إتلاف المعلومات لم يرتبط بالدخول غير المصرح به إلى نظام الحاسب الآلي.
وهذه الجريمة وكما هو واضح من سياق النص السابق تعد من الجرائم العمدية التي تتحقق بتوافر القصد الجنائي. والقصد المقصود هنا هو العام بعنصرية العلم والإرادة -علم الجاني بأنه يقوم بأحد الأفعال المذكورة في النص القانوني والتي من شأنها إتلاف المعلومات ، وأن تتجه إرادته إلى ذلك.
   ومن حيث العقوبة نجد أن المشرّع قرر لهذه الجريمة نوعين من العقوبة سالبة للحرية  وهي الحبس بحد أقصى سنتين ، ومالية تتمثل في الغرامة بحد أقصى 5000ريال ، والأصل العام هو أن يتم الحكم بالعقوبتين معا والاستثناء هو الحكم بإحداهن.
    أيضا جرم الاختراق المعلوماتي حيث نص البند الثاني من ذات المادة :
"اخترق جهاز حاسب آلي أو منظومة حاسبات آلية أو موقع على الإنترنت  أو شبكة الإنترنت وترتب على ذلك:
‌أ.       تعطيل أنظمة تشغيل جهاز الحاسب الآلي أو منظومة الحاسبات الآلية.
‌ب.  إتلاف برامج الحاسب الآلي أو الحاسبات الآلية وما تحتويه من معلومات.
‌ج.   سرقة المعلومات.
‌د.      استخدام المعلومات التي تتضمنها مخرجات الحاسبات الآلية في أغراض غير   مشروعة .
‌ه.    إدخال معلومات غير صحيحة
من خلال النص الأنف الذكر يتبين لنا من جهة أولى أن المشرّع العماني وهو بصدد تجريم الاختراق المعلوماتي أخذ بالاتجاه الموسع الذي يجمع بين المعلومات وأنظمة الحاسبات الآلية وشبكات المعلومات . ومن جهة ثانية لم يحدد وسيلة معينة يتم بها الولوج  إلى النظام وبالتالي يطبق النص بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة في اختراق النظام أو الموقع .
وتقع هذه الجريمة من أي إنسان أيا كانت صفته ، سواء كان يعمل في مجال الأنظمة أم لا علاقة له بأنظمة الحاسب الآلي ، وسواء كان يستطيع الاستفادة من النظام أم لا .
وتتحقق هذه الجريمة كذلك متى ما كان الدخول مخالفا لإرادة صاحب النظام أو من له حق السيطرة عليه ، سواء أكانت هذه الأنظمة متعلقة بأسرار الدولة أو دفاعها أو متعلقة بالخدمات التي تقدمها الدولة إلكترونيا أو تتضمن بيانات شخصية تتعلق بحرمة الحياة الخاصة لا يجوز الاطلاع عليها.
والاختراق المعاقب عليه وفقا لهذه المادة هو الاختراق الذي يترتب عليه نتيجة معينة ، بمعنى أن الجريمة لا تقوم إلا إذا ترتب على الفعل الإجرامي إحدى النتائج التالية : تعطل النظام أو الموقع المخترق ،إتلاف البرامج الحاسوبية أو أجهزة الحاسب الآلي أو المعلومات التي عليه ، سرقة المعلومات التي في النظام أو الموقع المخترق أو استخدامها بصورة غير مشروعة  ، إدخال معلومات غير صحيحة .
كذلك حرص المشرع من خلال هذا الفصل على توفير الحماية الجنائية للبيانات والمعلومات المشفرة  حيث جرم من خلال المادة 52 مجموعة الأفعال التي تشكل اعتداء على معلومات أو بيانات مشفرة وفرض عقوبتين الأولي سالبة للحرية تتمثل في السجن بحد أقصى سنتين والثانية غرامة مالية بحد أقصى 5000 ريال عماني أو بإحداهن . وهذه الأفعال هي :
1.   كشف مفاتيح لفض التشفير أو فض تشفير معلومات :
2.   الاستعمال غير المشروع لعناصر تشفير شخصية:
3.   اختراق أو اعتراض أو فض بيانات مشفرة :
4.   فض بيانات أو معلومات مشفرة في غير الأحوال المصرح  بها :

2.قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات :

صدر هذا القانون بموجب المرسوم السلطاني رقم 12/2011م ،و أتى صدوره مكملا لمنظومة التشريعات القانونية في مجال تقنية المعلومات، في ظل اتساع مجال تقنية المعلومات في الحياة الخاصة والعامة للأفراد ، وتوجه حكومة السلطنة  نحو بناء مجتمع عمان الرقمي عبر مبادرة عمان الرقمية، فقد أصبح لزاما حماية المعاملات الالكترونية التي أصبحت مطلبا مهما في ظل التطور السريع في مجال تقنية المعلومات.و بصدور هذا القانون فان المشرع وضع لبنه إضافية في منظومة القوانين الجزائية المكملة في السلطنة. ومن أهم الأحكام التي أتى بها هذا القانون والتي من شأنها توفير الأمن المعلوماتي الآتي :
الفصل الثاني من القانون جرائم الاعتداء على سرية وسلامة وتوافر البيانات والمعلومات وإساءة استخدام الأدوات  فجرم في المادة الثالثة منه: ثلاثة افعال هي الدخول غير المشروع ، وتجاوز الدخول المصرح به ، والبقاء غير المشروع ، على المواقع والأنظمة الإلكترونية ، وفرض عقوبة السجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة ريال و لا تزيد على خمسمائة ريال  أو بإحدى هاتين العقوبتين وجرم في  المادة 4: ثلاثة أفعال مماثلة للأفعال المذكورة في المادة الثالثة  متى ما ارتكبت على نظام معلوماتي خاص بالجهة التي يعمل بها الجاني ، وفرضت عقوبة السجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين
وجاءت المادة7 فجرمت اختراق المواقع الإلكترونية بقصد تغيير تصميمه أو تعديله أو إتلافه أو إلغائه أو شغل عنوانه وفرضت عقوبة السجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن ألف ريال ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.
في حين أن المادة  8 جرمت الاعتراض غير المشروع للمعطيات المرسلة عبر الشبكة  أو إحدى وسائل تقنية المعلومات. وفرضت عقوبة السجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال ولا تزيد على ألفى ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.
 المادة 9 من القانون جرمت أي فعل من شأنه إيقاف الشبكة عن العمل أو تعطيلها أو تدميرها ، وفرضت عقوبة السجن المؤقت مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال ولا تزيد على عشرة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.
 المادة 10 جاءت لتجرم إنكار الخدمة[27]. ووضعت عقوبة السجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين  وغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال ولا تزيد على ألفى ريال أو  بإحدى هاتين العقوبتين .

بالإضافة إلى وجود هاذين التشريعين نجد أن السلطنة ممثلة في هيئة تقنية المعلومات قامت بإنشاء المركز الوطني للسلامة المعلوماتية الذي من أهم المهام الموكلة له توفير السلامة المعلوماتية وأيضا استقطاب الكوادر البشرية المتخصص في مجال الامن المعلوماتي والبحث الجنائي المعلوماتي .






الخاتمــــــــة


نخلص مما سبق أن السلطنة كانت حريصة جدا على مسألة نقل التكنولوجيا إيمانا منها بأن من شأن ذلك أن يسهم في دفع عجلة التنمية إلى الامام ، ويتضح هذا جليا من خلال سلسلة التشريعات التي أصدرها المشرع العماني وعلى رأسها النظام الأساسي للدولة الصادر بموجب المرسوم السلطاني 101/96. ناهيك عن الاتفاقيات الدولية والاقليمية التي أنظمت إليها .


[1] د. معن النقري : تعريفات أولية للعلم والتقنية والتكنولوجيا ، مجلة جيش الشعب ن نصف شهرية ، العدد 1639 بتاريخ 1/6/1990 ، دمشق ص 29
[2] د. نصيرة بوجمعة سعدي ، عقود نقل التكنولوجيا في مجال التبادل الدولي ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر 1992 ص 18
3مشار اليه في مؤلف د. جلال احمد خليل _ النظام القانوني لحماية الاختراعات ونقل التكنولوجيا الى الدول النامية ط1 1983 – الكويت ص 20.
[4]  د. صالح بن بكر الطيار ، العقود الدولية لنقل التكنولوجيا ، مركز الدراسات العربي والاوربي ، باريس 1999 ، ص 46
[5]  علي الحوت : نقل التكنولوجيا والمجتمع ، دراسة في البلاد النامية ، جامعة الفاتح ، ليبيا طرابلس 1981م ص 53.
[6]  د. يونس عرب  ، بحث حول نص المادة (9 ) من قانون المنافسة غير المشروعة والاسرار التجارية الاردني.
[7]  د. حسام الدين الصغير ، ترخيص الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا ، بحث مقدم لندوة الويبو الوطنية عن الملكية الفكرية لأعضاء مجلس الشورى ، مسقط 23-24 مارس 2004 ص 2 منشورات الويبو WIPO/IP/MCT/04/DOC.9
[8]  صالح بن بكر الطيار . العقود الدولية لنقل التكنولوجيا ، طبعة ثانية ، بيروت 1999، ص 9 وما بعدها .
[9]  أنظر المادة 11 من النظام الاساسي للسلطنة الصادر بالمرسوم السلطاني 101/1996م
[10]  صدر هذا القانون بتاريخ 16 /10/1994 بموجب المرسوم السلطاني رقم 102/94
[11]  تري بعض  المنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي، والمنظمة المشتركة للتنمية الاقتصادية أنه لكى يكون الاستثمار أجنبيا مباشرا يجب أن يسيطر المستثمر على نسبة تتراوح بين 25% إلى 50% من كامل أسهم المشروع .أنظر في ذلك هيل عجمي جميل ، الاستثمار الاجنبي المباشر الخاص في الدول النامية الحجم والاتجاه والمستقبل ، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، عدد 32، 1999 ص 9-8  
[12]  أنظر المادة الأولي من القانون
[13]  المادة
[14]  صدر هذا القانون في ظل التطور التشريعي الذي تشهده السلطنة حيث انه بصدره تم إلغاء مجموعة التشريعات التي كانت قائمة وهي :
1.       قانون العلامات والبيانات والأسرار التجارية والحماية من المنافسة غير المشروعة 38/2000
2.       قانون الرسوم والنماذج الصناعية 39/2000
3.       قانون حماية البيانات ( المؤشرات) الجغرافية 40 /2000م
4.       قانون حماية تصميمات الدوائر المتكاملة 41/2000م
5.       قانون براءات الاختراع 81/2000م
[15] لمزيد من التفاصيل حول هذه الاجراءات أنظر المادة الخامسة من قانون حماية الملكية الصناعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 67/2008م
[16]  هذه الافعال هي التصنيع أو الاستيراد أو العرض للبيع أو البيع أو تخزين المنتج لأغراض العرض للبيع أو التخزين لأجل البيع.
[17]  هذه الافعال هي استخدام العملية الصناعية أو القيام باي من الأفعال المتعلقة بأي منتج يتم الحصول عليه مباشرة عن طريق العملية الصناعية .
[18]  هذه الافعال هي : الانتاج أو التوليد ، التكييف لغرض التكاثر ، العرض للبيع ، البيع أو غير ذلك من أغراض التسويق ، التصدير والاستيراد ، التخزين .
[19]  هذه المدة واحدة بالنسبة لجميع الاختراعات فالمشرع العماني لم يفرق بين اختراع وآخر في هذه الجزئية .
[20]  د. نورمان كلارك : الاقتصاد السياسي للعلم والتكنولوجيا ، مرجع سابق ص 105.
[21]  د. عبدالله هدية وآخرون : حوار الشمال والجنوب وأزمة تقسيم العمل الدولي والشركات المتعددة الجنسيات ، دار الشباب للنشر ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ص 1986 ص 139-140.
[22]  أنظر المادة الأولى من القانون
 [23] أجـازت اتفاقيـة بـاريس لعـام 1883 ، في شـأن الملكيـة الصنـاعيـة ، التراخيص الإجبـارية في مجـال براءات الإختراع وجعلتها الأصل ولا يلجـأ  إلي جزاء السقـوط  ـ أي سقوط البراءة ـ الا بصفة احتياطية .

[24]  محمد محبوبي : تسجيل العلامة التجارية ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال ، كلية العلوم الاقتصادية والاجتماعية بالدار البيضاء ، السنة 1999 ص 15
[25]  شكري أحمد السباعي : الأسس القانونية للمنافسة غير المشروعة على ضوء الفصل 84 ق .ل .ع ، مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون اقتصاد التنمية العدد 7 ص 80 .
[26] المشرع العماني أيضا جرم الإتلاف المعلوماتي بنص آخر وهو نص البند السادس من المادة 276مكرر من قانون الجزاء العماني حيث  نص على « يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنتين وبغرامة من مائة ريال إلى خمسمائة ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استخدام الحاسب الآلي في ارتكاب إحدى الأفعال التالية :..... 6- إتلاف وتغيير ومحو البيانات والمعلومات ».
[27] المقصود بإنكار الخدمة : هجوم أو حادث يتعرض له الموقع الالكتروني ويجعله غير صالحا للاستخدام كليا أو جزيئا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق