الأربعاء، 25 يناير 2012

نوافذ قانونية حول قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات

النافذة الأولي 

لا أحد يستطيع أن ينكر ما للثقافة من أهمية سيما الثقافة القانونية التي تعد من أهم أنواع الثقافات التي ينبغي على الفرد منا أن يكتسبها ،  فمعرفة كل شخص لما له من حقوق وما عليه من واجبات من شأنه أن يخلق مجتمعا مستقر وآمن .
من هذا المنطلق ومن خلال سلسلة من المقالات سوف نسلط الضوء على أهم القوانيين الموجود في السلطنة.
ونافذتنا الأولى ستكون حول تشريع يعتبر من أهم التشريعات التي صدرت في السلطنة تشريع له أهمية كبرى ألا وهو قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات 12/2011م
نصت المـــادة  3 من القانون على "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة ريال عماني ولا تزيد على خمسمائة ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من دخل عمدا ودون وجه حق موقعا إلكترونيا أو نظاما معلوماتيا أو وسائل تقنية المعلومات أو جزءا منها  أو تجاوز الدخول المصرح به إليها أو استمر فيها بعد علمه بذلك .
فـــإذا ترتــب علــى مــا ذكــر في الفقــرة الأولــى إلغــاء أو تغييــر أو تعديــل أو تشويـــه أو إتــــلاف أو نسخ أو تدمير أو نشر أو إعادة نشر بيانات أو معلومات إلكترونية مخزنة في النظام المعلوماتي أو وسائـــل تقنيـــة المعلومـــات أو تدميـــر ذلـــك النظــام أو وسائــل تقنيــة المعلومــات أو الشبكة المعلوماتية أو إلحاق ضرر بالمستخدمين أو المستفيدين ، تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة وغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال عماني ولا تزيد على ألف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين .
 فإذا كانت البيانات أو المعلومات المنصوص عليها في الفقرة الثانية  شخصية تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سنة  ولا تزيد على ثلاث سنوات وغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين .
المشرع من خلال هذا النص جرم ثلاثة أفعال جرمية هي على النحو التالي :
1.الدخول غير المشروع على المواقع والأنظمة الالكترونية :
تقوم هذه الجريمة على فعل الدخول- المنطقي- غير المشروع ، وذلك بغرض فتح باب يؤدي إلى الموقع الالكتروني أو النظام المعلوماتي  .
2. البقاء غير المشروع :
قد يجد الشخص نفسه داخل أحد الأنظمة المعلوماتية الغير مصرح له بالدخول إليها عن طريق الخطأ ، كما لو كان في سبيله للدخول إلى نظام له الحق في الدخول إليه ثم يجد نفسه بسبب الخطاء داخل نظام آخر .
لا شك أن البقاء داخل النظام المعلوماتي  بعد دخوله عن طريق الخطاء لا يختلف عنه عن الدخول غير المصرح به من حيث وجوب التجريم ، فانصراف إدارة الجاني إلى البقاء داخل النظام رغم علمه بأن دخوله غير مشروع لا يختلف في جوهره عن الدخول غير المشروع إلى أنظمة الحاسبات الآلية ، فالنتيجة الإجرامية واحدة تتمثل في الوصول إلى نظام غير مصرح بالدخول إليه ،  وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل في ما لو تم الدخول إلى النظام بموافقة المسئول عنه إذا كانت مشروطة بزمن محدد وحدث تجاوز لهذا الزمن أو أن يكون الدخول فقط للرؤية والاطلاع دون استخراج أي نسخة من المعطيات التي يحتويها النظام ، هل يعد  البقاء هنا بقاء غير مشروع؟ 
في الحقيقة نجد أن الحكمة التي من أجلها تم تجريم البقاء غير المشروع والدخول غير المشروع إلى النظام والمتمثلة في حماية المعطيات التي يحتويها النظام من الوصول إليها من قبل أناس غير مسموح لهم ابتداء من الدخول إلى هذا النظام ، لا تتحقق هنا ، فالدخول في الحالتين الواردتين في التساؤل تم بموافقة المسئول عن هذا النظام مما يعني موافقته على إطلاع الغير على تلك المعلومات التي يحتويها النظام ، فإذا ما تجاوز هذا الشخص الزمن المحدد له أو الصلاحية الممنوحة له  فإن الفعل لا يعد من قبيل البقاء غير مشروع وإنما يشكل جريمة أخرى تتمثل إما في سرقة وقت الحاسب الآلي أو في تجاوز الصلاحية.
3.تجاوز الدخول المصرح به:
الأمر يتعلق هنا بالحالة التي يكون الدخول إلى النظام مصرحا به إلا أنه يستخدم لغرض آخر غير الغرض الأصلي المصرح به ، أو تجاوز الزمن المسموح له به ؟
في الحقيقة أن الدخول إلى النظام المعلوماتي لابد وأن يكون مقيدا بالغرض الذي أعطيت من أجله هذه السلطة ، فمتي ما تعارض الغرض الذي من أجله تم الدخول إلى النظام مع الغرض الأصلي للدخول أصبح غير مشروع وبالتالي تقوم به جريمة الدخول غير المشروع.
الركن المعنوي :
تعد هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي تقوم على القصد الجنائي العام بعنصرية العلم والإرادة ، فيجب أن يعلم الجاني بأنه لا يحق له الدخـول إلى هذا النظام ، ودخوله إنما يكون ضد إرادة مالك النظام أو صاحب السيطرة عليه ، وعلى الرغم من ذلك تنصرف إرادته إلى إتيان هذا الفعل غير المشروع.
العقوبة :
من خلال النص السابق نلاحظ أن العقوبة : تتكون من عقوبة سالبة للحرية هي السجن ، ومالية هي الغرامة وهي في مجملها تنقسم إلى صورتين حسب جسامة الجريمة وذلك على النحو التالي:
‌أ.     عقوبة الجريمة البسيطة : وهي كما حددها المشرع في الفقرة الأولى من النص السابق بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة ريال عماني ولا تزيد على خمسمائة ريال عماني أو بإحدى هاتين ، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وسلطة القاضي في تطبيق هذه العقوبة سلطة تقديرية تبعا لظروف المتهم الشخصية وظروف ارتكاب الجريمة.
‌ب.  عقوبة الجريمة المشددة: فيما يتعلق بالظروف المشددة نجد أن المشرع العماني في النص السابق نص على نوعين من التشديد هما :
1.    في حالة ترتب على الأفعال الثالثة السابقة  إلغــاء أو تغييــر أو تعديــل أو تشويـــه أو إتــــلاف أو نسخ أو تدمير أو نشر أو إعادة نشر للمعطيات المخزنة في النظام المعلوماتي أو تدميـــر ذلـــك النظــام أو الشبكة المعلوماتية أو إلحاق ضرر بالمستخدمين أو المستفيدين ، تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة وغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال عماني ولا تزيد على ألف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين .
2.    في حالة كانت البيانات أو المعلومات التي تأثرت من جراء الافعال السابقة شخصية تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سنة  ولا تزيد على ثلاث سنوات وغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين.

د. حسين بن سعيد الغافري
مستشار قانوني هيئة تقنية الملومات
مسقط سلطنة عمان 
23/10/2011


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق