الأحد، 17 يوليو 2011

الإطار العام لقانون المعاملات الإلكترونية 69/2008م

تأصيل القانون:
تماشيا مع الإستراتيجية الوطنية لمجتمع عمان الرقمي والحكومة الإلكترونية المنبثقة  من الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني 2020 ، والتي أخذت الهيئة على عاتقها تنفيذها ، ظهرت الحاجة إلي وجود تشريع قانوني متكامل ينظم مسألة التعاملات الإلكترونية فكان صدور قانون المعاملات الالكترونية بموجب المرسوم السلطاني رقم (69/2008م) بعد عملا شاقا في إعداده امتد  إلى ما يقارب الثلاث سنوات ، ليشكل نقله كبيرة في البنية التشريعية القانونية التي تشهدها السلطنة.  وضع بعد دراسة ومقارنة أهم التجارب العالمية التي شملت قوانين التجارة الإلكترونية والتوقيعات الإلكترونية الصادرة من الأمم المتحدة (لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي: الأونسيترال) والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وايرلندا وماليزيا وتونس، وقرارات الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الدول المتقدمة والنامية.
صدر في 17 من شهر مايو 2008م بموجب المرسوم السلطاني رقم 69/2008  ونشر بالجريدة الرسمية رقم 864 بتاريخ 1/6/2008م .
الأهمية:
قانون المعاملات الإلكترونية يعد أول قانون  يعني بتنظيم المعاملات التي تتم في العالم الافتراضي من حيث تحريرها وحفظها وتبادلها وتوفير الحماية التقنية لها وإضفاء الحجة القانونية لها . ويضمن مصداقية وقانونية المعاملات الإلكترونية في آن واحد. إذ أنه وحتى صدور القانون لم تكن هناك حجية للكتابة الإلكترونية وللتوقيع الإلكتروني في الإثبات أمام القضاء.
مجال تطبيق القانون :
الحكومة الإلكترونية : ويقصد به الاستخدام الحكومي للسجلات والتواقيع الإلكترونية ، كالمناقصات أو دفع الرسوم أو إصدار وتسليم المراسلات الإلكترونية وغيرها ، ومما يجدر التنويه عليه أن القانون أخرج فئة من المعاملات لخصوصيتها وهي المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية وإجراءات المحاكم والإعلانات القضائية وأوامر التفتيش وأوامر القبض والأحكام القضائية  والمعاملات التي يتطلب توثيقها لدي كاتب العدل.
المعاملات المدنية الإلكترونية : وتشمل كل معاملة إلكترونية مدنية الطابع سواء بالنظر إلى طرفيها أو إلى أحد طرفيها فحسب، والتي تخرج عن مفهوم المعاملات التجارية.
القضايا التي يناقشها القانون:
1.   الشرعية الرقمية العامة،
2. مدى مصداقية إثبات وقبول رسائل البيانات وتوثيق وقت وموقع إرسالها و تخزينها وتطبيق العقود الإلكترونية والاعتراف برسائل الإيصالات الإلكترونية
3.    نظام حماية البيانات والاعتراف القانوني بالتوقيع الإلكتروني
4.   حماية خصوصية بيانات المتعاملين من خلال مشاريع مبادرة مجتمع عُمان الرقمي و أمن المعلومات.
الإطار العام للقانون:
في  الفصل الأول تناول الأحكام العامة ، وعلى وجه التحديد بيان معنى بعض المصطلحات والعبارات التي وردت فيه المادة (1)  ، وأهدافه المادة (2) ومجال سريانه المادة (3)  بحيث يسري هذا القانون على المعاملات  والسجلات  والتوقيعات الإلكترونية كما تسري أحكامه على أية رسالة معلومات إلكترونية.
أيضا من الأحكام التي أتي بها هذا الفصل تلك الخاصة بنطاق سريانه حيث أخرج القانون استثناءً من نطاق سريانه بعض المعاملات لخصوصيتها ،  وهي المعاملات والأمور المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والوصايا والهبات، وإجراءات المحاكم والإعلانات القضائية والإعلانات بالحضور وأوامر التفتيش وأوامر القبض والأحكام القضائية.والمعاملات التي يتطلب القانون توثيقها أمام الكاتب بالعدل .أما عن مجال انطباق أحكام هذا القانون فهو ينطبق وكما بينت المادة الرابعة على المعاملات التي تتم بين الأطراف الذين اتفقوا على إجراء معاملاتهم بوسائل إلكترونية ويمكن أن يعتبر سلوك الشخص على إجراء معاملة برسائل إلكترونية موافقة منه على ذلك، بيّد انه اشترط بالنسبة للحكومة أن يكون قبولها للتعامل الالكتروني صريحاً.
وتناول الفصل الثاني من القانون الآثار القانونية المترتبة على الرسائل الإلكترونية من حيث صحتها وقابليتها للتنفيذ شأنها شأن الوثيقة المكتوبة  المادة 7، وحفظ المستندات أو السجلات والمعلومات أو البيانات الالكترونية المادة 8  والكتابة الالكترونية المادة 9، والأصل الإلكتروني المادة 10 والحجية القانونية للوثيقة الإلكترونية المادة 11
وخصص القانون الفصل الثالث للمعاملات الإلكترونية وإبرام العقود ويشمل ذلك إنشاء العقود وصحتها حيث أجاز القانون التعبير عن التعاقد إيجاباً وقبولاً بواسطة رسائل إلكترونية واعتبره ملزماً لجميع الأطراف إذا تم وفقاً لأحكام القانون المادة( 12/1)  ،ورتب القانون على العقود الإلكترونية ذات الآثار القانونية المتعلقة بالعقود التي تبرم بالأساليب العادية سواء من حيث إثباتها ومدى صحة تلك العقود أو من حيث قابليتها للتنفيذ أو غير ذلك من الأحكام التي تخضع له العقود العادية المادة (12/2). كما أجاز القانون التعاقد بين وسائط إلكترونية آلية وفق ضوابط معنية واعتبر التعاقد في هذه الحالة صحيحاً ونافذاً على الرغم من عدم التدخل الشخصي أو المباشر لأي شخص طبيعي في عملية إبرام العقد(13/1).
كما أجاز القانون إبرام عقد بين نظام معلومات آلي مملوك لشخص طبيعي أو معنوي وبين شخص طبيعي أو معنوي متى ثبت أن هذا الأخير كان يعلم أو كان ينبغي أن يعلم أن ذلك النظام هو من سيتولى عملية إبرام العقد . المادة (13/2) .
ونصت المادة 14 على مسؤولية وسيط الشبكة ، فاعتبرت أن وسيط الشبكة لا يسأل مدنيا أو جزائيا عن أية معلومات واردة في شكل سجلات الكترونية-تخص الغير- إذا لم يكن هو مصدر هذه المعلومات واقتصر دوره على مجرد توفير إمكانية الدخول عليها، وذلك إذا كانت المسؤولية قائمة على:إنشاء أو نشر أو بث أو توزيع هذه المعلومات أو أية بيانات تتضمنها.أو التعدي على أي حق من الحقوق الخاصة بتلك المعلومات.كما بين القانون  الأحكام الخاصة بزمان إرسال الرسائل الالكترونية وتسلمها ومكان التسلم  المواد  (15-17) .
ومن الأحكام التي انفرد بها هذا القانون حيث أننا اثنا البحث والدراسة  لم نصادف أحكاما مماثلة في التشريعات المقارنة سيما في دول المنطقة  تلك المتعلقة  بطرق الحماية التقنية  للمعاملات الإلكترونية كالتشفير وغيرها من الطرق الواردة في المواد ( 18-20)
وفيما يتعلق بالتوقيع الالكتروني نجد أن المادة 22 من القانون بينت الشروط الواجب توافرها في التوقيع الالكتروني  ليعتد به وهي : 1. كانت أداة إنشاء التوقيع في سياق استخدامها مقصورة على الموقع دون غيره ،2. كانت أداة إنشاء التوقيع في وقت التوقيع ، تحت سيطرة الموقع دون غيره ،3. كان ممكناً كشف أي تغيير للتوقيع الإلكتروني يحدث بعد وقت التوقيع ،3.  كان ممكنا كشف أي تغيير في المعلومات المرتبطة بالتوقيع يحدث بعد وقت التوقيع .
المادة 23. بينت لتقرير ما إذا كان من الممكن الاعتماد على التوقيع الإلكتروني أو الشهادة يراعى الآتي:1. طبيعة المعاملة التي قصد تعزيزها بالتوقيع الإلكتروني أو الشهادة ،2. قيمة أو أهمية المعاملة إذا كان ذلك معلوماً ،3. ما إذا كان الطرف المعتمد على التوقيع الإلكتروني أو الشهادة قد اتخذ خطوات مناسبة لتقرير مدى إمكانية الاعتماد على التوقيع الإلكتروني أو الشهادة ،4. أية اتفاقية أو تعامل سابق بين المنشيء والطرف المعتمد.
المادة 24 . أوجبت على الموقع عند استخدام أداة إنشاء توقيع لإحداث توقيع له أثر قانوني مراعاة  أن يمارس عناية معقولة لتفادي استخدام أداة إنشاء توقيعه استخداماً غير مصرح به.و أن يقوم دون تأخير باستخدام الوسائل المتاحة له من قبل مقدم خدمات  التصديق ، أو أن يبذل جهوداً معقولة لإخطار أي شخص يتوقع أنه سيعتمد أو يقدم خدمات استناداً إلى التوقيع الإلكتروني في الحالات الآتية:
1.          إذا كان الموقع يعلم أن أداة إنشاء التوقيع قد تم الإخلال بها.
2.    إذا كانت الظروف المعلومة لدى الموقّع تبعث على وجود شبهات كبيرة من احتمال تعرض أداة إنشاء التوقيع للإخلال بها.
كما أوجبت عليه ضرورة بذل عناية معقولة عند استخدام شهادة لتعزيز التوقيع الالكتروني  ذلك لضمان دقة واكتمال كل البيانات الجوهرية التي يدلي بها الموقّع والتي لها صلة وثيقة بالشهادة طوال فترة سريانها أو تلك التي يتعين تضمينها في الشهادة.
وتعرض القانون في الفصل الخامس منه لبيان السلطة المختصة بتطبيق القانون وبين اختصاصاتها، المتمثلة في منح التراخيص اللازمة لممارسة خدمات التصديق وتحديد رسوم استخراج هذه التصاريح وممارسة الرقابة والإشراف والتفتيش على أنشطة مقدم خدمات التصديق وتحديد المؤهلات والخبرات اللازمة لموظفي مقدم خدمات التصديق وتحديد الشروط التي يلتزمون بها وغير ذلك من المهام التي وردت في المادة (25) من القانون.
وبين القانون إجراءات تقديم طلب الترخيص بتقديم خدمات التصديق وأحكامه  المادة ( 28) ، والحالات التي يتم بموجبها إلغاء الترخيص المادة ( 29 )، والإجراءات التي تتبعها السلطة المختصة  في حالة إيقاف أو إلغاء ترخيص مقدم خدمات التصديق المادة (31 ).
وتناول الفصل السادس الأحكام المتعلقة بشهادات وخدمات التصديق الالكتروني من  حيث البيانات التي يجب أن تتضمنها تلك الشهادة التي تصدر من مقدم خدمات التصديق في المادة (33).و الالتزامات التي يجب على مقدم خدمات التصديق التقيد بها والإجراءات الواجب إتباعها في سبيل تنفيذ التزاماته المنصوص عليها في هذا القانون المادة ( 34) وحالات إلغائه للشهادة (37)، وحدود مسؤوليته  عن الضرر المترتب على عدم صحة الشهادة أو لكونها معيبة لخطأ أو إهمال من مقدم خدمات التصديق، أو الضرر الناتج عن تقصيره في إجراءات تعليق أو إلغاء الشهادة وفقا للأحكام الواردة في القانون، المادة (38).
وضمَن الفصل السابع من القانون  مجموعة من القواعد والضوابط الخاصة بحماية البيانات الشخصية أو الخاصة ( 43-49 )
وبيَن الفصل الثامن الاستخدام الحكومي للسجلات والتوقيعات الإلكترونية والوثائق الرقمية وكيفية قبولها في التعاملات الالكترونية، موضحاً المهام التي تقوم بها الحكومة باستخدام السجلات والتوقيعات الالكترونية المواد (50-51).
وخصص الفصل التاسع والأخير للتجريم عدد من الأفعال التي من شأنها زعزعة ثقة المتعاملين بالمعاملات الإلكترونية، كالإتلاف المعلوماتي والاختراق  والتزوير الإلكتروني والاعتداء على البيانات المشفرة وغيرها من الأفعال . ووضع لها مجموعة من العقوبات الرادعة التي تصل إلى سلب الحرية والغرامة المالية  المادتين (53،52).
الخلاصة :
بعد صدور هذا القانون ودخوله حيز التنفيذ أصبح هناك اعتراف قانوني بالمعاملة التي تتم في العالم الرقمي وأصبح للمعاملة الإلكترونية نفس الحجية القانونية للمعاملة التقليدية ، بعد صدور القانون أصبحت هناك حماية جنائية للمعاملات التي تتم في العالم الرقمي ، وهذا من شأنه أن يوجد الثقة والأمان اللازمين لتحول أي مجتمع إلى مجتمع معرفي .
وإلى اللقاء في وقفة أخري نسلط من خلالها الضؤ على تشريع آخر من تشريعات السلطنة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق